سورة السجدة - تفسير تفسير القرطبي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (السجدة)


        


{الم (1) تَنْزِيلُ الْكِتابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (2)}
قوله تعالى: {الم تَنْزِيلُ الْكِتابِ} الإجماع على رفع {تَنْزِيلُ الْكِتابِ} ولو كان منصوبا على المصدر لجاز، كما قرأ الكوفيون: {إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ} [يس: 5- 3]. و{تَنْزِيلُ} رفع بالابتداء والخبر {لا رَيْبَ فِيهِ}. أو خبر على إضمار مبتدأ، أي هذا تنزيل، أو المتلو تنزيل، أو هذه الحروف تنزيل. ودلت: {الم}
على ذكر الحروف. ويجوز أن يكون {لا رَيْبَ فِيهِ} في موضع الحال من {الْكِتابِ}. و{مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ} الخبر. قال مكي: وهو أحسنها. ومعنى: {لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ} لا شك فيه أنه من عند الله، فليس بسحر ولا شعر ولا كهانة ولا أساطير الأولين.


{أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (3)}
قوله تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ} هذه {أَمْ} المنقطعة التي تقدر ببل وألف الاستفهام، أي بل أيقولون. وهي تدل على خروج من حديث إلى حديث، فإنه عز وجل أثبت أنه تنزيل من رب العالمين، وأن ذلك مما لا ريب فيه، ثم أضرب عن ذلك إلى قوله: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ} أي افتعله واختلقه. {بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ} كذبهم في دعوى الافتراء {لِتُنْذِرَ قَوْماً} قال قتادة: يعني قريشا، كانوا أمة أمية لم يأتهم نذير من قبل محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. و{لِتُنْذِرَ} متعلق بما قبلها فلا يوقف على {مِنْ رَبِّكَ}. ويجوز أن يتعلق بمحذوف، التقدير: أنزله لتنذر قوما، فيجوز الوقف على {مِنْ رَبِّكَ}. و{ما} في قوله: {ما أَتاهُمْ} نفي. {مِنْ نَذِيرٍ} صلة. و{نَذِيرٍ} في محل الرفع، وهو المعلم المخوف.
وقيل: المراد بالقوم أهل الفترة بين عيسى ومحمد عليهما السلام، قاله ابن عباس ومقاتل.
وقيل: كانت الحجة ثابتة لله عز وجل عليهم بإنذار من تقدم من الرسل وإن لم يروا رسولا، وقد تقدم هذا المعنى.


{اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ ما لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ (4)}
قوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ} عرفهم كمال قدرته ليسمعوا القرآن ويتأملوه. ومعنى: {خَلَقَ} أبدع وأوجد بعد العدم وبعد أن لم تكن شيئا. {فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ} من يوم الأحد إلى آخر يوم الجمعة. قال الحسن: من أيام الدنيا.
وقال ابن عباس: إن اليوم من الأيام الستة التي خلق الله فيها السماوات والأرض مقداره ألف سنة من سني الدنيا.
وقال الضحاك: في ستة آلاف سنة، أي في مدة ستة أيام من أيام الآخرة. {ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ} تقدم في الأعراف والبقرة وغيرهما وذكرنا ما للعلماء في ذلك مستوفى في الكتاب الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى. وليست {ثُمَّ} للترتيب وإنما هي بمعنى الواو. {ما لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ} أي ما للكافرين من ولي يمنع من عذابهم ولا شفيع. ويجوز الرفع على الموضع. {أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ} في قدرته ومخلوقاته.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8